لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
51765 مشاهدة
الأمة هي الوسط في الأمم

[ بل هم الوسط في فرق الأمة كما أن الأمة هي الوسط في الأمم ] .


(الشرح) قوله: (بل هم الوسط في فِرَقِ الأمة كما أن الأمة هي الوسط في الأمم):
الوسط هو: الخيار؛ يعني هم الخيار في فرق هذه الأمة، والأمة هي الخيار في الأمم كلها وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [ البقرة: 143 ] يعني خيارا، أي جعل الله هذه الأمة خيار الأم وأفضلها.
لكن المراد بالأمة هنا أمة الإجابة، فأمة النبي صلى الله عليه وسلم قسمان: أمة دعوة وأمة إجابة:
فالذين لم يتبعوا الرسول عليه الصلاة والسلام ولا أطاعوه هؤلاء من أمته، أمة الدعوة.
والذين صدَّقوه واتبعوه وأطاعوه واتبعوا أثره وامتثلوا ما جاء به فإن هؤلاء أمة الإجابة، وهم المرادون في الآية: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا يعني خيارا.
فإذا كانت هذه الأمة وسطا في الأمم السابقة، فإن أمة الإجابة الذين يشهدون أن محمدا رسول الله ويقرءون القرآن، ويصدقون بأنه من الله، فإن هؤلاء أيضا فرق، وكل منهم يدعي بأنه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؛ فالجهمية يدعون أنهم من أمة محمد ويقولون: هو رسول الله، ويقولون: نحن نقبل شريعته ونحكم بها، ونصلي ونصوم ونعمل للآخرة ونصدق بالبعث، وكذلك المشبهة الذين يشبهون صفات الله بصفات خلقه، وكذلك المعتزلة، وكذلك الحرورية الذين هم الخوارج، وكذلك الجبرية، وكذلك الوعيدية، وكذلك الرافضة، الكل يدعون أنهم من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم.
ولكن أتباعه حقا هم أهل السنة والجماعة، هم الذين عملوا بالعقيدة السليمة، فهم وسط في فرق هذه الأمة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بأن أمته ستفترق إلى ثنتين أو ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة وهي أهل السنة والجماعة، وهم من كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، هؤلاء هم الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة فهم الوسط في فرق الأمة.